.jpg)
أسامة داود يكتب: قصة الغاز الطبيعي بين قنديل والبنبى وفهمى

انتاج الغاز الطبيعي في عهد الوزير عبد الهادي قنديل ارتبط بقوة وزارة البترول وسيطرتها على الشركاء الاجانب ولسببين:
الاول قوة شخصية عبد الهادى قنديل والثانى عدم وجود أى مديونيات للشركاء.. وبلوغ مصر اعلي انتاجية من الزيت الخام وصولا لما يقارب المليون برميل يوميا.
تحفيز الشركاء الاجانب
لكن وبعد سنوات قليلة بدأ تراجع الانتاج بسبب تقادم بعض حقول البترول، ومن هنا وبخبرة قطاع البترول الذى يتحرك ديناميكيا ليعالج الازمات قبل وقوعها وبخبرة قيادات أكسبتها الحروب مهارة المناورة والتعامل مع المستجدات ووضع خطط وسيناريوهات للمستقبل..
بدأت الوزارة فى تحفيز الشركاء الاجانب بالاستمرار في انتاج الغاز الطبيعي بغض النظر عن مخاطر الاستثمار فيه،، وشهد عهد عبدالهادي قنديل بداية الاهتمام بالغاز وبعد أحمد عز الدين هلال أحد أهم القيادات الوطنية التى تولت هذا المنصب وأرى أنه يستحق أن يلقب برائد قطاع البترول الذى وضع اساس إستخدام الغاز الطبيعى فى مصر.
قنديل والتوسع في شبكات الغاز
أهتم عبد الهادى قنديل بالتوسع فى مد شبكات خطوط الغاز و ربطها بالمدن و بكافة الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة وكذا محطات توليد الكهرباء وكانت البداية الحقيقية للانطلاق نحو استخدامات الغاز. لكنها ظلت محدودة، اذا ما قورنت بالتطور الذى حدث فيما بعد. لكنها بالفعل كان يتوسع فى الاساس الذى الذى وضعه سلفه.. فانطلقت أنابيب الغاز بتعرجاتها فى معظم خريطة مصر لتصبح كشرايين تحمل الدماء فى جسد الدولة.
- كانت السنوات تمر والتوسع فى استخدام الغاز يتم ولكن بشكل لا يتوافق مع حجم الغاز المنتج، حتى تم دخول بعض محطات توليد الكهرباء، والتى كانت قد بدأت تبتلع كميات كبيرة منه ليصبح هناك حاجة ملحة لزيادة الاكتشافات.
البنبى وتعديل الاتفاقيات
فى عام 1991 وصل الدكتور حمدى البنبى الى الوزارة خلفًا للعملاق الكيميائى عبد الهادى قنديل وقرر الدكتور البنبى تعديل اتفاقيات الغاز الطبيعي للتوسع في انتاجه لتتوافق مع رغبات الشركاء الاجانب الذين أوقفوا وعن عمد البحث عن الغاز الطبيعي..
ولأسباب أهمها عدم اقتصاديات الانتاج خصوصا وأن سعر الغاز كان مرتبطًا بسعر المازوت المحلى والذى لم يكن يتجاوز 15 جنيه للطن - على حد تأكيد الكيمائى مدحت يوسف النائب الاسبق لرئيس هيئة البترول للعمليات- وفي ظل توافر احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي في المياة العميقة بالبحر المتوسط فتقرر ربط سعر الغاز الطبيعي من حصة الشريك الأجنبي وخام الاسترداد بسعر خام برنت وفي حالة عدم سحب الغاز يتم سداد قيمته وهو باطن الارض بعد تقدير تلك الكميات و دون استخدام.
يشير الكيميائى مدحت يوسف أن ربط سعر الغاز الطبيعى بسعر البترول خام برنت وقتها، تم وفقًا للدراسات التسويقية الحالية فقط دون أن يأخذ فى الاعتبار التغيرات التى يمكن أن تحدث على أسعار خام البترول فترتفع أسعار الغاز مع أسعار البترول.
ويرى يوسف أن أهمية أن تأخد الدراسات الوضع الاجل ليكون متماشيًا مع تخطيط جيد يتلائم والتذبذبات السعرية للنفط عالميا، والتى من المستحيل أن تظل ثابتة، يمثل صمام أمان لم يؤخذ به.
وكان هذا ربما يجوز اذا كان هناك ضمان بأن يظل سعر برنت منخفضا كما كان وقت تعديل الاتفاقيات.
أما فى حالة ارتفاعة سوف تدفع مصر الثمن غاليًا وهو ما حدث بالفعل حيث ارتفع سعر خام برنت بما يفوق ٤٠ دولار فتضاعف ما تتحمله مصر من مبالغ سدادا لغاز لم يستخدم.
كانت هذه الاسعار قد أصبحت واقعا مرا بسبب عدم وجود اقبال على استخدام الغاز كما كان منتظرًا.
تزامن ذلك الى وجود كثافة فى البحث والاستكشاف عن الغاز بسبب المعادلة السعرية التى اصبحت مميزة للشركاء الاجانب بينما لم يكن تستطيع مصر استخراج الغاز للاستفادة منه نظرا لعدم قدرة القطاعات الاستهلاكية علي سحب الانتاج المتنامي وبالتالى سداد قيمة غاز مازال فى باطن الارض وذلك طبقا لشروط الاتفاقية المعدلة take or pay .
ويعتبر عصر حمدي البنبي عصر التوسع في انتاج الغاز الطبيعي الا أن سوء التخطيط من الحكومة التى لم تستطع اجبار الشركات العامة والقطاع الخاص فى التحول لإستخدام الغاز الطبيعى كان عائقًا أمام بلوغ قطاع البترول تحقيق أهدافه بإيجاد صناعة تبتلع ما يتم تنميته من غاز طبيعى.
وهو ما تسبب في تحميل ميزانية الدولة ما يفوق العائد من هذا التوسع.
ولكن يذكر للدكتور حمدى البنبى أنه بدأ فى تنفيذ خطة وزارة البترول فى استخدام الغاز فى تموين السيارات وبالتالى أدخل الغاز فى نشاط يوفر من فاتورة استهلاك المواد البترولية.
سامح فهمى وخداع الخواجة
- عندما تولي المهندس سامح فهمي مقاليد الوزارة خلفا له تفاجئ بهذا العبء الضخم مما قلل من عائدات هيئة البترول وفي ظل عدم قيام الشركات الصناعية بالتوسع في استخدام الغاز ، فطالب بتعديل المعادلة السعرية وبوضع سقف كحد أدنى وحد أقصى لكل مليون وحدة حرارية بسعر 2,65 دولار ونجح في ذلك نجاح باهر وساعده في قبول الشركاء لذلك تدني اسعار النفط علي مستوي العالم.. لكن وبعد شهور قليلة من اقرار المعادلة الجديدة بدأت أسعار البترول ترتفع وبشكل لم يسبق له مثيل ليستقر ولسنوات فوق الـ 100 دولار بل بلغ فى معظم الوقت 140 دولار.
تحول المعادلة السعرية 2,65 دولار للمليون وحدة حرارية الى درع يحمى الاقتصاد المصرى من الانهيار خاصة وأن عدم وجود تلك المعادلة كانت مصر سوف تتكبد 15 دولار عن كل مليون وحدة حرارية تشتريها من الشريك، وهو ما أدى الى وفر خيالى فى تحمل ميزانية الهيئة وتحسين الموقف المالي بشكل مؤثر وبلغت القيمة التقديرية للوفورات التى حققتها الهيئة وحسب التقديرات التى أعلنتها وزارة البترول وقتها الى 70 مليار دولار طبقا للفارق بين سعر المعادلة والسعر العالمة لما حصلت عليه مصر من غاز الشريك ،،،، لتصبح المعادلة المفاجأة السارة بالنسبة لمصر ... الحزينة بالنسبة للشركات الاجنبية.. ولولا تلك المعادلة وحسب تقدير العديد من خبراء البترول لكانت هيئة البترول قد اعلنت افلاسها.
عدد من الشركات الاجنبية اخضعوا مسئوليهم فى مصر للمسائلة الذين أوصوا بالموافقة علي تعديل المعادلة السعرية وتم اقالتهم نتيجة لخداع سامح فهمى لهم.
لكن ورغم هذه المكاسب الا أن بعض الشركات أحجمت عن الاستمرار فى البحث والتنقيب عن الغاز فى ظل معادلة ارتأت الشركات انها مجحفة لها خاصة وأن الاكتشافات الجديدة كانت قد انتقلت الى المياه العميقة والتى تبتلع أضعاف النفقات التى
تتطلبها تكاليف الاكتشاف والانتاج فى اليابسة أو المياه الضحلة.
الحلقة القادمة
وحدات الاسالة تنقذ الموقف وتسهل للشركاء تصدير حصصهم من الغاز.